تكاد تكون معظم الخدمات والبرمجيّات التي نستعملها اليوم من صنيع الغرب. هذا الغرب الذي لم يتوانَ خجلًا عن إمداد المغضوب عليهم بالمدد والسلاح وكافة ما يحتاجونه من خدمات لوجستية لقتل وقصف وتشريد إخواننا في غزة الأبيّة.
إن العدوان على غزة ليس حدثًا محليًا يمكن النوم عليه ومتابعة الحياة ويكأن شيئًا لم يحصل. إن غزة ببساطة هي حاضنة من حواضن المسلمين مثلها مثل أي مدينة أخرى، وتعرضها لهذا الهجوم الهمجي وعلى مرأى ومسمع من العالم دون تحريك ساكن لهو دليلٌ وعلامةٌ على أن جميع حواضن المسلمين مهددة وتحت نفس الخطر، وأنه لا يوجد مانعٌ من أن يحصل في أيٍ منها ما حصل ويحصل لغزة المباركة.
عِش أين شئت؛ في الرياض أو دمشق أو دبي أو القاهرة أو الجزائر أو تونس أو الرباط… أنت وجميع من رأيتهم في حياتك من الناس لا تساوون شيئًا عند هؤلاء، ويمكن تقتيلكم وقصفكم وتخريب حياتكم في أي لحظة، وثم مع ذلك، سيهبّ الغرب بحضارته وجيوشه وشركاته ليدعم أولئك لإراقة دمائكم ثم يتهمونكم أنتم بمعاداة حقوق الإنسان.
هذا يعني أن الطلاق حتميّ بين أمة الإسلام وبين هذه الحضارة – المزعومة – الغربية، وأن أبناء هذا الزواج الملعون من مروّجي الديموقراطية والعلمانية والليبرالية والحقوق والحريّات والمساواة بين الناس على النمط الغربي ما هم إلا آكلون للسحت ظلوا يضحكون على الناس لعقودٍ بمثل هذه الشعارات حتى سقطت ورقة التوت أخيرًا.
تتكامل اختصاصات أبناء الأمة بين بعضها البعض، وقد كفانا الأخوة في المجالات الأخرى مؤونة الحديث عن المقاطعة بشكل عام للشركات الأجنبية ومنتجاتها وخدماتها، ولكننا اليوم بصدد الحديث عن المقاطعة التقنية تحديدًا.
لماذا المقاطعة التقنية؟
تخيّل أن الكهرباء اختفت فجأة من العالم، هل كان ليمكن لجيش الاحتلال أن يستمر في قصف غزة ومحاصرتها وضربها؟ أم أن كل قوّته التي يتبجح بها ما هي إلا أجهزة إلكترونية متصلة ومتراكمة فوق بعضها البعض لتشكّل هذا الحيوان الهمجي الذي نراه اليوم؟
إذًا فالتقنية التي تدير وتشغّل هذه الآلات المختلفة التي يستعملها جيش الاحتلال لضرب إخواننا هي لبّ قوّته العسكرية في الواقع، وإلا لو اعتمد الأمر على جسارة الإنسان لتحرر الأقصى منذ زمنٍ طويل فالمغضوب عليهم هم أجبن خلق الله وما كانوا ليجرؤوا على فعل ما فعلوه.
مليارات من الدولارات كمساعداتٍ مالية، وآلاف الفروع لتشغيل مواطنيهم وإمدادهم بفرص العمل، وعقودٌ من الدعم والصيانة لمعدّاتهم الحربية والعسكرية… كل ذلك هو ما يشكّل 20% من الاقتصاد الإسرائيلي القائم على التكنولوجيا، ويدعم الـ80% الباقية لأداء مهامها.
نأتي هنا إذًا إلى السؤال الجوهري: ما هي هذه الشركات والخدمات التي تشغّل آلات جيش الاحتلال وتدعمه بالمال والعتاد والعدة على الرغم من جرائمه؟
حارب هذه الشركات واضغط عليها واطردها من بلاد المسلمين وستكون أسديت ضربةً موجعةً للاحتلال وداعميه معًا.
قائمة الشركات التقنية التي تدعم إسرائيل
تضامنت عشرات الشركات التقنية مع المغضوب عليهم بعد السابع من أكتوبر ونشروا بيانًا مشتركًا يدعمونهم فيه ويعدونهم بالمال والعدد والعدة، ويمكنك رؤية قائمة بالشركات التقنية التي تدعم إسرائيل من هنا.
يمكنك أيضًا استخدام هذا الموقع للبحث عن أي شركة ورؤية العلاقات التي بينها وبين دولة الاحتلال.
أبرز الشركات التقنية الداعمة لإسرائيل التي ينبغي مقاطعة منتجاتها هي: جوجل وآبل وميتا (فيسبوك وانستغرام) ومايكروسوفت وإنتل وNVIDIA وOracle وHP وDell وCisco وOpenAI وIBM.
وقد شاركت الشركات التالية فقط قبل أيامٍ من نشر هذه المقالة في مؤتمرٍ اسمه “التقنية من أجل جيش الاحتلال”، أي أن هؤلاء قد بلغوا مبلغًا عظيمًا في مساندة المغضوب عليهم على الرغم من كل ما جرى بعد السابع من أكتوبر:
كيف تكون المقاطعة التقنية؟
تكون المقاطعة عبر استخدام الخدمات والمنتجات البديلة لهذه الشركات.
مثلًا إن كان هناك برنامج مفتوح المصدر بديل للبرنامج التجاري الذي عندك فاستعمله بدلًا منه، وإن كان هناك خدمات آسيوية أو إفريقية أو أوروبية غير متعاملة مع الاحتلال فاستعملها بدلًا من الشركات الأمريكية مثلًا.
الولايات المتحدة وألمانيا مثلًا هما أكبر دولتين تدعمان إسرائيل، فحاول قدر المستطاع الابتعاد عن الشركات الموجودة في هذه البلدان لأن الضريبة التي ستدفعها هذه الشركات (التي تتراوح بين 20% إلى 40%) ستذهب لخزينة هذه الدول ومن ثم تذهب كمساعدات إلى دولة الاحتلال. وبالتالي عليك تقليل استخدامك لخدمات الشركات الموجودة في هذه الدول وأشباهها.
ولا بأس أيضًا بتقليل استهلاكك واستعمالك لمنتجات الشركات التقنية التي لا تقدر على الخلاص منها، فما لا يُدرك كلّه لا يُترك جلّه؛ إن كنتَ تدفع 100$ شهريًا لشركة استضافة أمريكية مثلًا فحاول الانتقال منها إلى أحد الشركات الأوروبية لتدفع 30$ مثلًا (حتى لو كانت ألمانية مثلًا فتكون قد خفّضت الأموال التي تمررها لهم بنسبة 70% على الأقل).
يمكنك البحث في جوجل أو موقع GitHub عن البرمجيات مفتوحة المصدر أو الخدمات الأخرى البديلة للخدمات والمنتجات التي تستخدمها؛ ومن ثمّ يمكنك الانتقال إليها.
ولا تعتقد أن الخدمات المجانية من هذه الشركات التقنية العميلة لا بأس بها؛ فمثلًا حتى لو كنت تستخدم ويندوز مجاني من شركة مايكروسوفت، فإن النظام يجمع أطنانًا من البيانات المفيدة عنك وعن التطبيقات التي تستخدمها وعن نشاطك ومن ثمّ يرسلها إلى الشركة للاستفادة منها في التحليلات والعمليات التجارية لاحقًا أو حتى لعرض الإعلانات لك داخل النظام، وبالتالي فإن استخدامك المجاني لخدمات مايكروسوفت – مهما كانت – هو أمرٌ يصب في صالحهم وعليك التخلص منه كذلك حتى لو كنت لا تدفع لهم قرشًا.
سننشر على حوسبة بإذن الله سلسلةً من المقالات عن البدائل المناسبة لأشهر خدمات الشركات التقنية.
هل المقاطعة التقنية مجدية؟
عدد العرب 400 مليون إنسان، وعدد المسلمين 2 مليار إنسان يشملهم.
لو أن هؤلاء تخلّوا عن دعم هذه الشركات واستبدلوها ببدائل محليّة أو على الأقل حاولوا قدر المستطاع فعل ذلك لتراجعت هذه الشركات عن دعمها للمغضوب عليهم، فما يحرّك هؤلاء في النهاية هو المال ولا شيء آخر.
إذا كانت المقاطعة مجدية حتى لشركات المطاعم الكبرى التي ظن الناس أنها لا تتزعزع مثل ماكدونالدز وستاربكس وكوكاكولا وغيرها، فحينها هذه الشركات التقنية المختلفة ليست منيعةً كما يظن الناس.
والإنسان المسلم مأمورٌ بفعل ما يقدر عليه بغض النظر عن ثمرة جهده أو نتيجته؛ النصرة غير مشروطة بالنصر!
تمتلك بعض الشركات العربية عقودًا كبيرة مع هذه الشركات الأجنبية وتشتري خدماتٍ ومنتجاتٍ منها بقيمة ملايين الدولارات؛ إبطال عقدٍ واحدٍ من هذه العقود كفيلٌ بجعل المغضوب عليهم ومن عاونهم يخسرون خسارةً كبيرة.
ولا تنظر للأمر بمنظورك الشخصي فقط؛ فإن الله تعالى أخبرنا أنه يبارك في الصدقات وينمّيها [فكيف بأفعال الخير من مقاطعة أعداء الإسلام نصرة لدينه وعباده]، وإن كنت تبحث عن الأمور المحسوسة فإن تأثير الفراشة يخبرنا أن التغيّرات الصغيرة قد تصبح مسؤولةً عن تغيراتٍ كبيرة بأضعاف الحجم بعد فترةٍ من الزمن، فلا تحقرن شيئًا من عملك أو معروفك.
وحاول قدر المستطاع أن تنشر عن هذا الأمر وهذه المقاطعة وتنهى أي شخصٍ يستخدم خدمات هذه الشركات عن فعل ذلك.
كيف تكون المقاطعة التقنية أجدى وأكثر استدامة
تكون كذلك عبر تطوير بدائل محليّة والتخلّي والاستغناء الدائم عن أي شركة أجنبية.
إن استخدام البرمجيات مفتوحة المصدر مثلًا ونظام لينكس لا يجعلنا نتخلص من الحاجة إلى الخدمات والشركات الأجنبية في مختلف جوانب حياتنا فحسب، بل يطوّر أيضًا قطاعًا محليًا من المطورين والمبرمجين والمتخصصين التقنيين القادرين على تطويع التقنية لاحتياجات أمتنا.
وبالتالي فإن أردنا الانتقال بالمقاطعة التقنية إلى الخطوة التالية فعلينا تطوير منتجات تقنية محلية مناسبة للمستخدم العربي والمسلم وجعله يستخدمها بشكلٍ دائم بدلًا من أي منتج أجنبي سواءٌ كان يدعم الاحتلال أم لا على المدى البعيد.
كل ما قرأته هو صحيح 100/100 و نتنمنا من الشباب العربي ان ينهظ لنصر الأمة و نتمنا ان تستمر و لا تتوقف في النشر و ان شاء الله ان يكون في ميزان حسناتك